العلاج… محاولة للبقاء أم اختيار لطريقة الرحيل؟

العلاج.. محاولة للبقاء أم اختيار لطريقة الرحيل ؟

دكتورة .. إذا كنتُ سأموت ليش أتعالج ؟

قالها بصوت هادئ، لكنه كان أثقل من المحلول الذي يقطر في وريده. لم يكن يسأل عن الطب، بل عن معنى المقاومة حين تصبح النهاية محسومة.

كلنا بنموت، الفرق الوحيد إنك تعرف الموعد أوضح منا.

نظر إليّ للحظة، كأنه يقيس وزني الحقيقي بين الكلمات، ثم ابتسم ابتسامة غامضة… لا تعرف إن كانت استسلامًا أم يقينًا

دكتورة، ليش نحارب ؟ ليش نتحمل الألم ؟ هل العلاج مجرد وهم ؟ شيء نقنع أنفسنا فيه عشان نحس إننا مسيطرين ؟ ولا إحنا بس نشتري وقت زيادة في معركة محسومة ؟

أي إجابة جاهزة كانت ستبدو فارغة أمام عينيه اللتين تبحثان عن شيء أعمق من العبارات المحفوظة

العلاج مو حرب ضد الموت هو طريقة نختار فيها كيف نصل إليه.

رفع حاجبه بدهشة خفيفة، كأنه لم يتوقع إجابة كهذه كان ينتظر جملة براقة من كتيبات المستشفيات

العلاج يعطيك فرصة للحياة

دكتورة، إذا كان الموت جاي، فلماذا أتحمل العذاب ؟

لأن السؤال مو متى بتموت .. السؤال كيف بتوصل له

البعض يوصل منهك من الهرب، والبعض يوصل واقف، كأنه يوقع آخر صفقة مع الحياة.

ضحك، ضحكة قصيرة لكنها مليئة بشيء يشبه الراحة.

دكتورة، لو كنت مكاني، بتختارين الحرب ولا الاستسلام ؟

مافي استسلام ومافي حرب في طريقة تختار فيها كيف تودّع الحياة وأنت الوحيد اللي يقدر يحددها.

عندما خرجت من غرفته، أدركت أنني لم أكن أعالج جسدًا كنت أعالج فكرة

السؤال الحقيقي لم يكن: ليش أتعالج ؟

بل كان: كيف أختار طريقتي في الوصول إلى النهاية ؟

وربما .. هذا السؤال وحده يكفي ليبقي الإنسان حيًا حتى اللحظة الأخيرة.

نبض جنان