
بوح المرضى
أسئلة من سرير المرض… وإجابات من عمق الفكر
حين لا يحتمل القلب الصدمة 🎗️
كان يجلس أمامي، يحدّق في اللاشيء وكأنه يراه للمرة الأولى !
لم أكن بحاجة إلى أن يخبرني بشيء، كنت أقرأ الصدمة في وجهه كما تُقرأ نهاية كتاب مأساوي قبل أن تفتح الصفحة الأولى.
دكتورة .. يعني بتبترون رجلي؟
سأل بصوت خافت، وكأنه يتحدث عن شخص آخر، عن سيناريو بعيد لا علاقة له به.
السرطان انتشر .. وما عندنا خيار ثاني .
دكتورة… إذا مت، هل سأكون ذكرى أم مجرد خبر؟ 🎗️
كانت في الثامنة عشرة من عمرها، لكنها لم تكن شابة كغيرها.
المرض لا يُمهل أحدًا ليرتب حياته كما يشاء سلبها حق التذمر من الأمور الصغيرة، وعلّمها أن الوقت ليس وعدًا، بل احتمال.
جلستُ بجوارها، كما أفعل كل يوم، لكن اليوم كان مختلفًا عينها لم تعد تحمل الخوف، بل شيئًا آخر .. شيئًا لا أستطيع وصفه بسهولة.
دكتورة، إذا مت .. هل سأكون ذكرى أم مجرد خبر؟
العلاج .. محاولة للبقاء أم اختيار لطريقة الرحيل؟ 🎗️
دكتورة .. إذا كنتُ سأموت ليش أتعالج ؟
قالها بصوت هادئ، لكنه كان أثقل من المحلول الذي يقطر في وريده. لم يكن يسأل عن الطب، بل عن معنى المقاومة حين تصبح النهاية محسومة.
كلنا بنموت، الفرق الوحيد إنك تعرف الموعد أوضح منا.
نظر إليّ للحظة، كأنه يقيس وزني الحقيقي بين الكلمات، ثم ابتسم ابتسامة غامضة… لا تعرف إن كانت استسلامًا أم يقينًا
الخوف لا يعني الاحترام… لكن بعض الحقائق لا تُقال 🎗️
كنت أراقبها وهي تحدّق في السقف، كأنها تحاول قراءة شيء مخفي بين شقوق الجدران. صوتها جاءني واهنًا، لكنه لم يفقد حدّته:
دكتورة ليه ما عاد أحد يخاف مني ؟
لم يكن سؤالًا، بل إدراكًا متأخرًا لحقيقة كانت تعرفها لكنها لم تجرؤ على مواجهتها.
قبل المرض، كانت تسير وكأن الأرض تفرد نفسها تحت قدميها امرأة يسبقها ظلّها، ويحسب الجميع لوجودها حسابًا