،

فقراوية… ولكن كيف ومتى ولماذا؟!

لا أعرف كيف بدأت القصة ولا أعرف متى… ولا حتى لماذا.

كل ما أعرفه أنني نصراوية وهذه أكبر معضلة فلسفية لم أجد لها تفسيرًا بعد.

هل شجعت النصر بإرادتي، أم أن النصر هو من اختارني؟ هل كنت أملك الخيار أصلًا، أم أنني ولدت مشبعة بروح صفراء لا فكاك منها؟ لا أتذكر طفولتي بوضوح، لكنني متأكدة أنني لم أستيقظ يومًا وأقرر أن أكون نصراوية، تمامًا كما لم أقرر أن أتنفس أو أن أُحب القهوة. هناك أشياء تتسرب إليك دون أن تدرك، وحين تحاول التراجع، تكتشف أنك أصبحت جزءًا منها وهي جزء منك.

لكن لماذا النصر؟ لماذا لم أكن هلالية مثل صديقاتي اللواتي كن يرمين عليّ النظرات المتعجبة وكأنني اخترت حياة الزهد وسط عالم مترف ؟ أو حتى اتحادية لأعيش الدراما بكل تجلياتها؟ لماذا النصر تحديدًا، بفلسفته العجيبة التي تمزج العناد بالأمل، والسقوط بالنهوض، والنكبات بالأفراح العارمة ؟

هل النصر اختيار أم قَدَر؟ هل هو مثال آخر على عبثية الوجود؟ هل نحن، معشر النصراويين، مجرد فلاسفة مغامرين قررنا اختبار الحياة بأقصى درجات التحدي، فاخترنا تشجيع فريق يُعلمنا كل يوم كيف نرتطم بالأرض ثم نقف مجددًا بابتسامة ساخرة؟

أحيانا أشعر أن النصر ليس مجرد نادٍ، بل نظرية فلسفية في الصبر والاحتمال هو تجربة وجودية اختبار نفسي طويل الأمد، مدرسة في التناقضات كيف لفريق أن يكون مجيدًا وعاثر الحظ في آنٍ واحد؟ كيف يمكنه أن يهبك لحظات جنونية من الفرح، ثم يسلبها منك بنفس الجنون؟ وكأنك تعيش في عالم كامو ودوستويفسكي في الوقت نفسه، بين العبث والتمرد والتشبث بالحلم المستحيل.

يقولون إن المشجعين يولدون مع فرقهم، لكنني لا أذكر متى وُلد هذا الشغف بداخلي ربما هو هناك منذ الأزل وربما تشكّل مع كل خيبة وأمل، مع كل سقوط وقيام، مع كل صرخة فرح ولحظة إحباط.

لكن في النهاية، لا يهم كيف أو متى أو لماذا.

كل ما أعرفه أنني نصراوية، وأن هذه الحقيقة وحدها تكفي لتفسر الكثير.. ولا تفسر شيئًا.

ثم يأتي أحدهم ويقول لي بكل بساطة يعني فقراوية؟

وأنا ابتسم وأرد عليه بكل ثقة: إيه، ونعيش في فقر البطولات بترف العشق

وهكذا، كما في كرة القدم، الحياة أيضًا.. لا نختار كل انتماءاتنا، لكنها تختارنا أما السؤال عن كيف ولماذا ؟ فربما هو مجرد عبث آخر !


نبض جنان