في زمنٍ تصرخ فيه المذاهب بأعلى صوت، يبقى السؤال هامسًا في داخلك
هل أنت ما تعتقده؟ أم ما لقنّوك أن تعتقده
هل تمسكت بمذهبك لأنك قرأت كل الكتب، نقّبت بين الصفحات، وأبحرت بين الآراء حتى غرقت؟
أم أنك ببساطة… ولدت تحته؟
تحمله كما تحمل اسم عائلتك، دون أن تعرف لماذا؟
المذهب الذي تدافع عنه
هل بنيته بالعقل ؟ أم أنه بنيك؟
هل اخترته، أم اختارك ؟
أنت سني لأنك سمعت يد الله مع الجماعة
أم شيعي لأنك ولدت تحت منبر الحسين؟
ولكن… هل توقفت يومًا لتسأل
هل الجماعة دليل الحق؟ أم الحق هو الذي يصنع الجماعة؟
هل المنبر نورٌ يهدي؟ أم صدى أصواتٍ ماتت منذ قرون؟
اغلب الناس لا يدافعون عن مذهبهم لأنهم فهموه، بل لأنهم خافوا فقدانه
لأنهم ارتبطوا به كما يرتبط الغريق بخشبةٍ في بحر الظلام
ولكن… هل تساءلت
إذا سقطت هذه الخشبة… هل ستغرق؟ أم ستتعلم السباحة؟
المذاهب؟ ليست إلا طرقًا
ولكن، هل يهم أي طريق تسلك، إن كنت تبحث عن النور ذاته؟
هل يحتاج الله لأسماء الطوائف، أم لأسماء القلوب؟
وهل خلق الله الكون ليفرق بين سني وشيعي؟ أم ليجمعهم تحت سماء واحدة؟
حين تنتهي المعركة… سيبقى صوت واحد فقط: صوت الإنسان الباحث عن الله
فمن قال لك إن لله طريقًا واحدًا؟
الله الذي خلق الألوان
هل يغضب إذا عبدته من نافذةٍ بيضاء أو سوداء؟
هل يحتاج إلى اسم مذهبك؟ أم إلى صدق قلبك؟
هل الله يحتاج إلى راية تحمل اسمه؟ أم إلى قلبٍ ينبض بحبه؟
هل يحتاج إلى صدى خطبة قديمة ؟ أم إلى كلمة صادقة تولد منك؟
أم تظن أن طريقه يمر عبر قبر أو ضريح؟
الله
لا يسكن بين رفوف الكتب، ولا تحت قباب المساجد، ولا خلف منابر الأموات.
الله
هناك، في كل فكرة صادقة، وفي كل قلب حي.
وأخيرًا
المذاهب ليست عقائد، بل أقفاصٌ يورثها الآباء للأبناء
والله؟
أبعد من كل رايةٍ ترفعها، وأقرب من كل سؤالٍ تخشاه
فهل ستظل تصرخ باسم مذهبك؟
أم ستصمت… وتسمع صوتك لأول مرة؟
الله… لا يُحد بمذهب
ولا يُحاصر براية
ولا يحتاج لألقاب صنعناها
ولا يقف خلف قبورٍ صنعنا منها أوثانًا
الله… هناك
حيث السؤال… حيث الحيرة
وحيث قلبك الذي يبحث
بقلم الدكتورة جنان